ستة خطوات يُطلب اتخاذها لإنهاء العنف ضد الأطفال
في عام ٢٠١٤، وفي خضم احتفالنا بالذكرى السنوية الخامسة والعشرين لاعتماد اتفاقية حقوق الطفل، أضحت مسألة حماية الأطفال من العنف تكتسب أولوية متزايدة على الصعيد العالمي. فقد تزايد تدريجيا وضع الإصلاحات في مجال التشريعات والسياسات، وإدخال التحسينات على نظم حماية الطفل. غير أن علينا أيضا، حتى في ظل احتفالنا بهذه الإنجازات المرموقة، أن نعترف بأن التقدم المحرز بلغ حدا من شدة البطء وكثرة التفاوت وفداحة التجزّؤ يتعذر معه اعتباره إنجازاً حقيقيا. فالأطفال ما زالوا عرضة للعنف في كل سياق، بما في ذلك السياقات التي يتعين أن يشعروا فيها بأقصى درجات الأمان - أي المدارس ومؤسسات الرعاية والعدالة بل في المنازل أيضا.
إن إنهاء العنف ضد الأطفال ضرورة أخلاقية، ولكنه أيضا أمر حكيم من الناحية الاقتصادية. فهذا العنف، إضافةً إلى تأثيره في الأطفال وأُسرهم، يلقي بتكاليف بعيدة المدى على كاهل المجتمع: إذْ يؤدي في مختلف أنحاء العالم إلى تحويل مسار البلايين من الدولارات عن الإنفاق الاجتماعي، وإبطاء وتيرة التنمية الاقتصادية؛ واضمحلال رأس المال البشري والاجتماعي؛ والحد بشدة من قدرة الأطفال على تحقيق إمكاناتهم كاملةً، بما يفضي إلى خسائر فادحة يتكبّدها المجتمع.
ولذلك يتعين اتخاذ إجراءات عاجلة، ويرد ههنا بيان لست خطوات أساسية يمكن أن تتخذها البلدان لإعمال الالتزام بالقضاء على العنف ضد الأطفال.
وضع استراتيجية وطنية محورها الأطفال تكون متكاملة ومتعددة التخصصات ومحددة زمنياً للتصدي للعنف ضد الأطفال
يتعين اتخاذ كافة الخطوات اللازمة لتعميم مراعاة حماية الأطفال من العنف على جميع مستويات الحكومة وإدراجها في خطة التنمية الوطنية باعتبارها عنصرا أساسياً من عناصر الخطة. ويتعين ضمان حصول المتخصصين المعنيين على ما يكفي من التدريب بشأن آليات منع العنف والتصدي له المراعية لاحتياجات الطفل، وتلقِّيهم التوجيه بشأن منع العنف والإبلاغ عنه والتصدي له. ومن الأهمية الحيوية توفير التمويل اللازم لإنجاح هذه المبادرات.
سن حظر قانوني صريح بشأن العنف ضد الأطفال يُعزِّز بتنفيذه بفعالية
ينبغي أن يشمل الحظر القانوني للعنف ضد الأطفال جميع مظاهر هذا العنف، بما في ذلك في المجالات الناشئة مثل إساءة استخدام التكنولوجيات الجديدة في مجال المعلومات والاتصالات. ويجب أن تستثمر الحكومات في مجال إنفاذ القانون، وفي النظم القضائية المراعية لاحتياجات الأسر والأطفال، وفي نظم وخدمات قوية وداعمة لحماية الطفل.
زيادة الجهود المبذولة لجعل العنف ضد الأطفال أمرا غير مقبول اجتماعياً
يتطلب القضاء على العنف ضد الأطفال إحداث تغيير في المواقف وأنماط السلوك المترسّخة والتي تعتبره أمراً مقبولاً، لا سيما كشكل من أشكال التأديب ضمن الأسرة وفي المدارس والمؤسسات. فمن شأن حشد جميع الجهات صاحبة المصلحة، بما فيها المجتمع المحلي والزعماء الدينيون، لزيادة الوعي والاستناد إلى المعايير الاجتماعية الإيجابية السائدة يمكن أن يسهم في إزالة المعتقدات الراسخة التي يتغاضى أصحابها عن العنف.
ضمان الإدماج الاجتماعي للفتيات والفتيان المعرَّضين بوجه خاص للمخاطر في منع العنف ضد الأطفال والتصدي له
يجب دعم الأسر بما يمكّنها من رعاية أطفالها على الوجه الأكمل. فمن شأن هذا التدبير أن يساعد في منع التخلي عن الأطفال ووقف إيداعهم في مؤسسات الرعاية الداخلية حيث تزداد مخاطر تعرّضهم للعنف. وينفرد هذا الأمر بأهميته بالنسبة للأطفال دون سن الثالثة الذين يمكن أن يصبح نموهم عرضة لخطر شديد بسبب إيداعهم في مؤسسات. ولذلك يتعين إعطاء الأولوية وتوفير التمويل للاستثمار في تنشئة الأطفال الإيجابية، ونظم الحماية الاجتماعية، والرعاية والنمو في مرحلة الطفولة المبكرة.
وضع أو تعزيز نظم البيانات القوية والأدلة السليمة لمنع العنف ضد الأطفال والتصدي له
يجب إعداد أدوات ومؤشرات الرصد التي تشمل كافة الأطفال، بمن فيهم الفتيان والفتيات من جميع الأعمار والخلفيات. ويعدّ تسجيل جميع المواليد أول وأهم عنصر في نظام فعال للرصد.
التعاون مع الحكومات الأخرى لضمان أن تكون حماية الأطفال من العنف في صميم خطة التنمية الدولية لما بعد عام 2015
في الوقت الذي ينظر المجتمع الدولي في خطة التنمية العالمية المقبلة ويعكف على صياغة أهداف التنمية المستدامة لما بعد عام 2015، لا بد من جعل العنف ضد الأطفال، بما في ذلك في أوساط فئات الفتيات والفتيان الأشد ضعفا وتهميشاً، أولوية والاعتراف بكونه شاغلا شاملا لعدة قطاعات. ويجب أن تُدرج أهداف صريحة بشأن القضاء على جميع أشكال العنف ضد الأطفال ومؤشرات له وآليات واضحة لرصده في خطة ما بعد عام 2015.
إن منع العنف ضد الأطفال وإنهائه يتطلب بذل جهد عالمي على نطاق لم يسبق له مثيل - جهد يساهم فيه الزعماء السياسيون والمواطنون العاديون، بل وكذلك الأطفال والشباب. ويتيح هذا العام الذي يصادف الاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والعشرين لاعتماد اتفاقية حقوق الطفل فرصة سانحة لتعزيز هذا المسعى ووضع مسألة حماية الأطفال من العنف في صميم برنامج السياسات.
مارتا سانتوس باييس
نيويورك، ٢٣ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٤